by: Stephen Phillips

عندما بدأ “الغواصون التقنيون” الأولون فى التطور والخروج من الدائرة المعتادة للغوص الرياضى، قد يجادل البعض فى مدى تقدمهم على الغواصين الرياضيين الحاليين الذين يودون الشروع فى عمل نفس الرحلة واكتساب نفس الخبرات فى يومنا هذا. وبدون الدخول فى تفاصيل ذلك الجدال حول مراحل التطور فى تعليم وتدريب الغواصين، فإن الغواص الخاضع للتدريب فى يومنا هذا لايزال يفتقد متابعة تكرار التدريب على المهارات المطلوبة للوصول إلى مستويات الإتقان والذاكرة العضلية القصوى التى تمكنه من التصرف واتخاذ القرار المناسب عند الحاجة وفى أقل وقت ممكن. وهنا علينا أن نتساءل عما سيحدث للغواصين التقنيين الذين تمكنوا من أداء المهارات الأساسية المطلوبة لإنهاء التدريب والحصول على الشهادة، ولكنهم بعد ذلك يواجهون بعض الصعوبات فى القيام بتلك المهارات بصورة مرضية عند الضرورة أو أثناء عمل دورات أخرى مستقبلية. وأيضا”، ما هى الثقافات والأفكار والعادات المتعارف عليها فى مجتمع الغوص التقنى فيما يتعلق بمستوى الإتقان والحضور للمهارات الأساسية للغوص التقنى؟ يقول عالم الأنثروبولوجيا الإنجليزى إدوارد تيلور، أن العادات هى “جميع مجموعات التصرفات الإنسانية المكتسبة، وقد تكون هى الطريقة التعليمية البديهية والتى يمكن تتبع جذورها إلى الحضارات المصرية والصينية القديمة”. ويقول أرسطو أن فكرة التكرار للتعلم “هى تردد التكرار للوصول للأداء اللاإرادى” وأنه “كلما تم ممارسة شيئين مجتمعين بصورة متكررة، فإن الأغلب أن الشروع فى أداء إحداهما سوف يثير الإحساس بضرورة أداء الآخر”.

“إن إنسانيتنا تستند على سلسلة من التصرفات أو العادات
المكتسبة، تتداخل مع بعضها البعض لتكون سلسلة فى غاية
الحساسية ولا يمكن توريثها بصورة مباشرة”_ مارجريت ميد

وهكذا فإن ثقافات الغوص الموجودة لها تأثير قوى فى مجتمعات ودوائر الغوص التى تعتبر فى تطور دائم بسبب التقدم التكنولوجى، وتحسن فهم الأبحاث العلمية المتعلقة بفيزياء وفيزيولوجيا الغوص، وتغير الفلسفات والطرق التعليمية لمختلف الغواصين ومنظمات التدريب. كما تعتبر التأثيرات الحادة والسريعة الناتجة عن مصاحبة رفقاء الغوص، والمحاولات والتجارب والمعاناة التى مر بها الرواد السابقون أيضا” من العوامل المحددة لتطور وتغير العادات المكتسبة. ولذلك يمكننا فى مجتمعات الغوص أن نرى خليطا” من ثقافات وعادات الماضى، مع العادات والأفكار الجانبية الخاصة للبعض، بجانب تلك التى يقبلها ويطبقها الجميع بإعتبارها الأكثر عمومية.

ولكى يتعلم المرء أى نوع كان من المهارات الحرفية أو الرياضية أو غيرها، فليس المطلوب عمله هو فقط مجموعة معينة من التمارين، ولكن تكرار تلك التمارين لآلاف المرات وربطها دائما” بالمواقف والأحوال التى قد تحتاج عمل تلك المهارات حتى يمكن استدعائها وأدائها بصورة تلقائية عند الحاجة. فإذا كنت غواصا” خبيرا” بالغوص التقنى أو حديث عهد به، فلايزال هناك بعض المهارات التى نرغب ونحتاج لإنعاشها وتحسينها لبلوغ الإتقان. وسواء” كان هذا التمرين والممارسة المتكررة لاستخدام العوامة السطحية الدالة للغواص، أو إغلاق وفصل محابس الهواء، أو التعامل مع حالة من حالات الطوارئ التى قد تنشأ أثناء الغوص، فإنه يوجد أربعة مراحل يمر بها الغواص خلال تنمية أى من مهاراته:

1. المبتدئ – حيث أن إتقان أى حرفة لا يحدث بين يوم وليلة.
2. المتمرن – الذى يمكنه إدراك مستواه وحدوده الشخصية.
3. المتمرس – حيث يبدأ العمل الجاد. الممارسة تؤدى إلى الإتقان.
4. الضليع – المقدرة التلقائية.

“لكى تكون ضليعا” فى أى نوع من المهارات،
لابد من وضع كامل طاقات قلبك، وعقلك، وروحك
للعمل معا” فى منظومة واحدة”. – موريس يونج

قانون العشرة آلاف ساعة

يقول مالكولم جلادويل، فى كتابه النشوز: قصة النجاح، “لكى تصبح عبقريا” فى شئ ما، لابد من أن تكون مارسته لعشرة آلاف ساعة أو حوالى عشرة سنوات. وهذا يعنى أن النجاح ليس بالضرورة وراثيا”، إجتماعيا”، إقتصاديا”، أو مرتبطا” بأجيال معينة”. وهكذا فإن وجدت نفسك “المبتدئ” الذى يقف على الشاطئ يصبو إلى الخوض فى المياه، أو “المتمرس” الذى يبحر فى طريقه إلى الإتقان، فالمؤكد فى جميع الأحوال أن الطريق لجمع العشرة آلاف ساعة المطلوبة لإتقان اى مجموعة من المهارات ليس دائما” سهلا”. وفى الحقيقة أنه حتى عندما نتمكن من الوصول لمستويات الإتقان القصوى، فإن المحافظة عليها يشكل تحديا” كبيرا” لسهولة فقدها وإصابتها بالصدأ حالة عدم الاستمرار الدائم فى الممارسة لتلك المهارات. وتقول أحد المقولات الشهيرة للفيلسوف الصينى القديم كونفوشيوس، “أسمع وأنسى، أرى وأتذكر، أمارس وأفهم”. وتتفق الأبحاث مع تلك المقولة، حيث أنه ثبت أننا نحتفظ فى ذاكرتنا بمقدار 10% مما نقرأ، و20% مما نسمع، و30% مما نرى، و50% مما نسمع مقترنا” بما نرى، و70% مما نقول، و90% مما نقول مقترنا” بما نعمل.

فما هى إذا” مجموعات المهارات التى نميل للكسل عنها بإعتبارنا غواصون تقنيون؟
من أهم تلك المهارات التى يجب النظر إليها هى بنية وتكوين المعدات، حيث نجد أنفسنا فى كثير من الأحيان نميل إلى الثقة تماما” بأن المعدات التى نفضلها ونستخدمها دوما” سوف تؤدى دورها دائما” على أكمل وجه. ولكن فى الحقيقة، وعلى سبيل المثال، فإن استخدام أفضل أنواع أجهزة معادلة الطفو الثنائية الخلايا، أو أكبر أحجام اسطوانات الغازات لا يعنى إطلاقا” أنها غير معرضة للفشل. وبالتالى، فإنه يجب على كل غواص تقنى أن يخصص بعض الوقت لفحص معداته وتحضيرها بعناية كافية للتأكد من سلامتها، وإمكانية الإعتماد عليها، وسهولة الوصول إلى كل جزء أو قطعة منها عند الحاجة أثناء الغوص.

ويأتى وقت التخطيط للغوصة بعد ذلك، حيث يستعيض الكثير من الغواصين عن عمل ومراجعة الخطوات المطلوبة لذلك عن طريق استخدام كومبيوتر الغوص. ولكن يجب الإنتباه إلى أنه حتى مع وجود الكومبيوتر، فإنه لا غنى عن التحديد المسبق للزمن الإجمالى للغوصة، وأعماق وأزمنة تبديل غازات التنفس، وكميات الغازات المطلوبة لكل غواص، والهدف الأساسى للغوصة، والخطة والأساليب الواجب اتباعها فى حالات الطوارئ،.. الخ. ونظرا” لأن الكسل وعدم الدقة فى تلك الأحوال قد يتبعه عواقب جسيمة، فإنه يجب أيضا” على كل غواص أن يقوم – بنفسه – بتحليل مكونات غازات الإسطوانات الخاصة به لتفادى أى أخطاء أو ملابسات فى حينها.

وتعتبر المهارات المتعلقة بالطفو ومعادلته من المهارات المهمة التى يجب على الغواص الإهتمام بتحسينها باستمرار لارتباطها الوثيق بمعدلات استهلاك الغازات، والتحكم فى معدلات الصعود والهبوط، والتمكن من الأداء السليم لمحطات تخفيف الضغط،.. الخ. ويتفق الكثير من الغواصين أن أداء المهارات التالية قد يتأثر ويصدأ لعدم ممارسته بصفة دورية:

  • مهارات تبديل غازات التنفس.
  • غلق محابس الغاز، وتذكر أوقات الحاجة لذلك.
  • نفخ العوامة السطحية الدالة للغواص وإرسالها إلى السطح.
  • مهارات استخدام الزعانف بطرق مختلفة (طريقة الضفدع، طريقة الرجوع للخلف، طريقة المقص،.. الخ).
  • إزالة وارتداء المعدات تحت الماء.
  • مهارات الملاحة والبحث.
  • مهارات استخدام بكرات الخيط (نقط الربط، إعادة الخيط للبكرة، حالات التفاف وتعقد الخيط،.. الخ).
  • حالات الفشل المفاجئ لمصابيح الغوص أو التعكير الشديد للمياه.
  • مهارات التعامل مع الحالات الطارئة المتعلقة باستخدام البدلة الجافة.
  • الإشارات اليدوية المستخدمة فى الغوص التقنى.
  • مهارات الإنقاذ (جر الغواص المتعب، إزالة معدات وجر الغواص الفاقد للوعى،.. الخ).

وهكذا فإنه يجب على كل غواص عمل التقييم الحقيقى والأمين لنفسه والتساؤل المستمر عن إمكانية وكيفية التقدم والتحسن فى هذا المجال. ويجب أيضا” أن يكون الغواص منفتحا” لتقييم الزملاء حيث أنه من الممكن لهم رؤية وتحديد بعض الأشياء التى قد لايستطيع إدراكها بنفسه. وفى النهاية، فإن الإستعانة بإرشادات مدربى TDI المتخصصين قد يكون أيضا” إحدى السبل المساعدة خلال رحلة الوصول إلى إتقان مهارات الغوص التقنى.